تحليل رسومات الأطفال
يعتبر تحليل رسوم الأطفال مفتاحا سريا لمعرفة الجوانب الخفية عند الأطفال ذلك لأنه يفسر الكثير من سلوكيات ومشاعر الأطفال و يعبر عن المشكلات والضغوط التي يمرون بها ولا يمكنهم التعبير عنها لفظيا، حيث يشبه الأمر وجود رسالة ضمنية مكتوبة بحبر سري داخل كل لوحة بسيطة يرسمها الطفل لا يمكن قراءتها إلا لمن يعرف ادوات فك هذه الشفرة.
نتناول في هذا المقال | |
ما المقصود بتحليل رسوم الأطفال؟ | |
الشروط الواجب توافرها لضمان نتيجة دقيقة لتحليل رسومات الطفل. | |
أسس تحليل رسومات الأطفال |
ما المقصود بتحليل رسوم الأطفال:
يمكن اعتبار رسوم الأطفال بمثابة لغة يستخدمها الطفل يتواصل من خلالها مع العالم المحيط به ومع الأفراد من حوله وتحمل هذه اللغة في طياتها تعابير ومعاني وترجمة لما يدور في عقل الطفل وتظهر الكثير من المشاعر الداخلية لديه وتبرز مفهوم الطفل عن نفسه.
وتعطي رسومات الأطفال دلالة على التطور العقلي لديهم ودلالة على مدى تطور المهارات الحركية الدقيقة لديهم أيضا،لذا فإن تعلم تحليل رسومات الأطفال يساعدنا على الغوص بداخل عقل الطفل مما يكشف لنا مواطن القوة والضعف والإحتياج لدى الطفل.
لكل رسمة يرسمها الطفل مدلول في علم النفس يساعد الأباء والمعلمين والأخصائيين على تطوير طرق التعامل مع هذا الطفل بما يتناسب مع ما تم اكتشافه من خلال تحليل رسوماته، أي التوصل إلى أفضل طريقة أو أسلوب للتعامل مع كل طفل وفقا لشخصيته.
الشروط الواجب توافرها لضمان نتيجة دقيقة لتحليل رسومات الطفل:
1- أن تستمر عملية التحليل لرسوم الطفل على مدار زمني من شهرين الى ثلاثة أشهر، وبعض الخبراء قد يحتاجون وقتا أقل.
2- أن يقوم الطفل بالرسم بناء على رغبته في ذلك دون أن يملي عليه أحد أو يطلب منه الرسم.
3- أن لا يقوم الطفل بالرسم في موضع منافسة مع أطفال آخرين.
4- أن لا يكون الرسم الذي يقدمه الطفل تقيدا للوحة رآها أو صورة ما.
عند التأكد من توافر هذه الشروط يصبح بالإمكان القيام بتحليل رسوم الطفل بثقة واطمئنان.
كما زادت خبرة الأخصائي الذي يتولى عملية تحليل رسومات الطفل كلما احتاج إلى أن يقضي مع الطفل مدة زمنية أقل ليخرج بتحليل دقيق يمكن الإعتماد عليه، فمن الممكن أن يقوم متخصص خبير بتحليل رسومات طفل ما بعد ما يقضي معه ساعتين ويكون تحليله دقيق بنسبة من 50-80%.
أسس تحليل رسومات الأطفال:
تنقسم عملية التحليل إلى قسمين:
1- قسم مهاري.
2- قسم نفسي.
أولا القسم المهاري:
يهتم بقياس معدل التطور في مهارات العضلات الدقيقة لدى الطفل بالنسبة إلى عمره ويتم ذلك من خلال الخطوط والألوان وقياس الأحجام ومدى دقة التفاصيل داخل الرسم.
ثانيا القسم النفسي:
يهتم بمعرفة مدلول الأشكال والألوان والأشخاص والحواس والحيوانات والأعضاء الجسمية بناءا على موقعها وحجمها ولونها وطريقة شرح الطفل لها.
قياس تطور مهارات الطفل الحركية الدقيقة:
قبل بلوغ عامين:
وتسمى هذه المرحلة في علم النفس بمرحلة ما قبل التخطيط وتعتبر رسوم الطفل خلالها مجرد شخابيط لا معنى لها، مجرد ردود أفعال الطفل وتقوية عضلات يده وكل المطلوب قياسه خلال هذه المرحلة هي قدرة الطفل على الإمساك بالقلم والتحكم به.
مرحلة من 2- 4 سنوات:
تسمى بمرحلة التخطيط وينطلق خلالها الطفل في الشخبطة ويسعده جدا أحساس حركة القلم في يده والأثر الذي تسببه هذه الحركة على الورقة أمامه.
وتتدرج خلال عدة مراحل:
أ-خطوط رأسية.
ب- خطوط أفقية.
ج- أشكال شبه دائرية.
د- أشكال دائرية.
ه- أشكال شبه مغلقة.
ينتقل الطفل بين هذه المراحل بشكل تدريجي وفقا لتقدم عمره وبالتالي فإن استمرار الطفل فترة أطول من المعتاد وعدم أنتقاله للمرحلة التالية يعكس وجود مشكلة تخص إدراكه وتطوره العقلي لأن هذه الرسوم تتكون نتيجة تطور فهمه للعالم المحيط به.
مرحلة من 4- 7 سنوات:
وتسمى هذه المرحلة بمرحلة التحضير للمدرك الشكلي حيث يبدأ فيها الطفل في رسم الأشياء والأشخاص المحيطين به بشكل واضح وله ملامح مفهومة ويغلب على رسومه في هذه المرحلة الطابع الهندسي حيث نجد جميع العناصر في رسوماته مربعة أو مثلثة ويتطور الشكل البيضاوي غير المنتظم إلى شكل مستطيل و بيضاوي ودائري منتظمين.
ولكن عادة ما يصاحب هذا التطور مشكلة في إدراك الفروق بين أحجام و أوزان وأماكن الأشياء من بعضها حيث يقوم الطفل برسم الشيء الذي يحظى بأكبر قدر من اهتمامه بشكل أكبر وأوضح من العناصر الآخرى داخل الرسم،كأن يرسم نفسه بجوار وردة ضخمة حجمها يتخطى السيارة أو المنزل في الخلفية وهو أمر طبيعي للغاية في هذه المرحلة.
يستخدم الطفل الألوان في هذه المرحلة عادة للتمييز بين الأشياء فلا يعتمد على الألوان الواقعية كأن يلون السماء باللون الأحمر ويلون وجهه باللون الأخضر، ولا يهتم الطفل في هذه المرحلة بوضع الأشياء في أماكنها الصحيحة داخل الرسم فكل ما يهمه هو أن يتضمن الرسم الأشياء التي يهتم بها، كأن يرسم سريره في السماء أو يرسم سمكة في وسط طريق.
دور الأم في هذه المرحلة:
المطلوب من الأم في هذه المرحلة الاهتمام بإجراء حوار مع الطفل يشرح له الأحجام الطبيعية للأشياء وضرورة وجود تناسب في العلاقات فيما بينها مساعدة الطفل على تطوير فهمه وإدراكه بشكل أسرع ولكن يجب أن يحدث هذا في نهاية هذه المرحلة العمرية.
مرحلة من 7-9 سنوات:
وتسمى مرحلة المدرك الشكلي والتي يصبح لدى الطفل فيها قدرة أكبر على إدراك تفاصيل أكثر وعلاقات أكثر بين الأشياء وفي البيئة المحيطة به، حيث يبدأ في رسم الأشخاص والحيوانات بشكل أكثر كثافة وينصب تركيزه على رسم نفسه ولكن يصاحب هذه المرحلة مشكلة هامة وهي مشكلة المبالغة والحذف.
ما هي مشكلة المبالغة والحذف؟
تعني هذه المشكلة أن يقوم الطفل بحذف بعض الأشياء من رسوماته والتي لا يدركها وجودها أو لا يركز عليها كأن يقوم برسم نفسه بدون يد أو بدون قدم أو أن يرسم أمه دون أن يضع لها فم.
كذلك يبالغ في التركيز على رسم بعض الأشياء التي يهتم بها كأن يرسم عينيه بحجم وجهه بالكامل أو أذنه أو يرسم لنفسه يد كبيرة جدا وأخرى صغيرة جدا ولكل هذه الأشياء دلالة و تفسير في مجال علم النفس.
يقوم الطفل في هذه المرحلة برسم ما يعرف وليس ما يرى كأن يقوم برسم شكل خارجي لمنزل ويضع في منتصفه أناسا وتلفاز أو سُلم أو يقوم برسم سيارة ويرسم الركاب ظاهرون منها على سطح الصورة بكل تفاصيلها، ويحاول في رسومه التعبير عن معلوماته ومعارفه فاذا رسم رجل يكتب عليه رجل أو أن يرسم طاولة ويرسم تحتها خط ليبين أنها مستندة على الأرض.
ويتدرج الطفل في هذه المرحلة تدرج سريع يبدأ من:
أ-رسم نفسه.
ب- رسم الحيوانات.
ج- رسم الأشياء المرئية.
د- رسم الأشياء غير المرئية.
ه- التسطح.
و- اختلاف زوايا الرسم من مائل الى جانبي الى مسقط رأسي وأفقي وهكذا.
ويظهر مدى تدرج الطفل خلال هذه المرحلة إذا كان الطفل يتمتع بموهبة في الرسم.
مرحلة من 10-13 عام:
وتنقسم إلى مرحلتين:
أ-مرحلة محاولة الرسم الواقعي.
ب- مرحلة الرسم الواقعي.
حيث يبدأ الطفل في محاولة لإضفاء الواقعية على رسوماته فتظهر في البداية بشكل خاطئ وربما سيء ثم تبدأ موهبته الفنية في التشكيل بالتدريج وهنا يظهر إذا كان لدى الطفل موهبة سواء في الرسم أو التصميم أو امتلاكه لحس فني.
في هذه المرحلة تختفي مظاهر المرحلة السابقة من مبالغة وغيرها وتظهر الواقعية و يبدأ التناسق في نسب العلاقات بين الأشياء و تناسب حجمها في الظهور، و تقل رغبة الطفل في الرسم عن المراحل السابقة بسبب ظهور اهتمامات جديدة لديه.
ويمكن ملاحظة تطور قدرات الطفل الفنية من خلال:
1- تقليل المبالغة.
2- تناسق الألوان مع الواقع.
3- تناسق الأحجام والأماكن.
4- الميل لرسم الطبيعة والتقليل من رسم الأشخاص.
5- إضفاء روح الطفل الخاصة على رسوماته.
المدلول النفسي لرسومات الأطفال:
بداية من عمر ثلاث سنوات:
لأن المراحل التي تسبق ذلك تتلخص في الشخبطة وتقوية عضلات اليد وحب الطفل لرؤية تأثير حركة يده والقلم على الورقة.
وكل شيء يقوم الطفل برسمه في هذه المرحلة له مدلول قد يكون ايجابي او سلبي و لذا ذكرنا أهمية أن يتعرف المتخصص على الطفل بشكل جيد ولفترة زمنية معقولة لكي يتمكن من فهم الظروف الاجتماعية والأسرية والمادية المحيطة بالطفل.
مفاتيح تحليل رسوم الأطفال:
1- الفروق في أحجام الأشخاص:
الحجم الأصغر يعتبر دلالة على افتقاد أو عدم الحب أو عدم جدوى وفاعلية وجود هذا الشخص، بينما يدل الحجم الكبير على حب هذا الشخص وأهميته ومدى سيطرته على الطفل واهتمامه به.
إذا رفض الطفل رسم شخص ما دل ذلك على كراهيته له أو أن استدعاء سيرة هذا الشخص يجلب على الطفل مشاعر سلبية أو أن هذا الشخص ليس له دور في حياة الطفل.
بالنسبة للأشياء:
اذا كانت الاشياء اصغر من حجمها الطبيعي فإن ذلك يعد دليل على عدم أهتمام الطفل بها أو عدم إدراكه لها بشكل جيد مثل المنازل واثاثها او الاشجار او الشوارع ، واذا كانت كبيرة فأن هذا يدل على احتلالها حيز كبير من اهتمام الطفل وإدراكه لها بشكل جيد ، ولا يعني عدم الإدراك شيء سيء ولكن الطفل قد يكون في مرحلة عمرية غير مناسبة لإدراك هذا الشيء.
ماذا اذا كان الفرق في الحجم يظهر في رسم الطفل أجزاء من جسده أو ملامحه؟
يتوقف كبر أو صغر حجم أو عدم وجود جزء من أجزاء جسم الطفل على مدى إدراك الطفل لهذا الجزء و استخدامه أو عدم استخدامه له وعادة ما يعتمد هذا الأمر على نمط شخصية الطفل ، فالطفل السمعي يرسم نفسه بأذن كبيرة وبقية الحواس أصغر و الطفل الذي يستخدم يديه في الأعمال الفنية بكثرة يقوم برسم أصابعه بصورة كبيرة وواضحة، والطفل الذي لا يحب النشاط وكثرة الحركة يرسم نفسه بأرجل قصيرة مقارنة بباقي أجزاء جسمه او لا يرسمها اصلا.
2- قرب وبعد المسافات بين الأشياء:
ويعد مؤشرا على مشاعر الطفل تجاه الأشياء المختلفة سواء بشكل ايجابي او سلبي، فالقرب يعني ايجابي والبعد يعني سلبي ولكن يستثنى من ذلك طبعا السماء أو قاع البحر بكل مكوناته.
3- المشاعر الظاهرة على وجوه الأشخاص:
وتدل هذه المشاعر على الحالة النفسية للطفل سواء تجاه نفسه أو تجاه الآخرين ويمكن التأكد منها من خلال التحاور مع الطفل وسؤاله لماذا يبدو حزينا في الرسم أو لماذا يضحك.
4- الألوان:
إذا كان الطفل دائم التركيز على استخدام لون بعينه فهذا الأمر له احتمالان أما أن الطفل يحب هذا اللون بشكل كبير أو اصابة الطفل بعمى الألوان، ويجب أن نقوم بتشجيع الطفل على استخدام باقي الألوان.
تدل الألوان الزاهية على انفتاح وسعادة الطف وحسه الفني وقدرته على تمييز الألوان واستخدامها بشكل جيد،بينما تدل الألوان القاتمة على مشاعر ضيق أو حزن او مشاكل نفسية لدى الطفل وذلك طبعا مع مراعاة الجانب المهاري وعمر الطفل.
يتم ملاحظة المفاتيح الأعمق في التعبير النفسي عن القلق أو الكبت أو الحزن وبعض المشاكل النفسية من خلال ترتيب خطوات الرسم بماذا بدأ الطفل وبماذا انتهى، ما هي الألوان التي يختارها أكثر، ما هي التعديلات التي يجريها على الرسم وكيفية تعامله مع الأخطاء التي يقع فيها أثناء الرسم كذلك طريقة إمساكه بالقلم وضغطه عليه أثناء الرسم.
ويختلف مدلول كل هذه المفاتيح والعناصر من طفل لآخر حسب الظروف العامة المحيطة بالطفل ولذلك يجب اللجوء للمتخصصين حتى لا ندخل في متاهة التحليل الخاطئ لرسوم أطفالنا ونبدأ في قلق لا داعي له ولا طائل منه، ويكفينا أن نطمئن ونتابع الحالة النفسية للطفل ومدى تطور مهاراته اليدوية وإدراكه وهذا هو الدور المهم لكل أم.
ذات صلة:
- تحديات تربية الأطفال في دول الخليج العربي
- الأمراض النفسية والعقلية
- مجالات الصحة النفسية
- تعزيز الصحة النفسية للأطفال
- مفهوم وتعريف الصحة النفسية
- أنشطة حركية للأطفال
- أنشطة منتسوري لعمر 6 سنوات
- أنشطة تنمية مهارات الأطفال عمر سنة ونصف
- أنشطة منتسوري الحركية
- مرحلة الطفولة وتنمية مهارات الأطفال
- فلسفة منهج منتسوري
- دورات تدريبية للأطفال